تجربتي في مشروع سيارة آيسكريم

تجربتي في مشروع سيارة آيسكريم

عندما قررت الدخول إلى عالم المشاريع الصغيرة، كنت أبحث عن فكرة مبتكرة، غير مكلفة نسبيًا، ولها إقبال جماهيري واسع. لم أكن أمتلك رأس مال ضخم، لكن كان لدي حماس كبير، وشغف بتجربة شيء جديد. من هنا بدأت تجربتي في مشروع سيارة آيسكريم، التي تحولت من مجرد فكرة بسيطة إلى مصدر دخل ثابت وتجربة غنية بالتحديات والدروس.

في هذا المقال عبر موقع صناع المال أشارككم رحلتي الشخصية مع هذا المشروع، بدءًا من التأسيس وحتى تحقيق الأرباح، مع نصائح واقعية لكل من يفكر في بدء مشروع مشابه.

كيف جاءت الفكرة

كنت دائمًا ألاحظ أن سيارات الآيسكريم تجذب عددًا كبيرًا من الأطفال والأهالي في الحدائق العامة. كنت أراقبهم وأحسب بشكل تقريبي عدد الزبائن خلال نصف ساعة. أدركت سريعًا أن هناك فرصة ربحية جيدة في هذا النشاط. بعدها بدأت أبحث بشكل أكثر جدية عن الإمكانيات اللازمة.

قررت أن أجرب المشروع لفترة تجريبية، ومع مرور الوقت، تحوّل إلى مصدر دخل دائم لي.

التخطيط الأولي للمشروع

قبل أن أبدأ فعليًا، وضعت خطة عمل بسيطة شملت النقاط التالية:

  1. تحديد الميزانية الإجمالية.
  2. اختيار نوع السيارة المناسبة.
  3. تجهيز السيارة بمعدات التبريد.
  4. اختيار الموردين لأنواع الآيسكريم.
  5. تحديد المواقع المناسبة للبيع.
  6. استخراج التراخيص النظامية.

كان هدفي منذ البداية هو أن أبدأ بشكل منظم، حتى أضمن النجاح والاستمرارية.

شراء السيارة وتجهيزها

اشتريت سيارة فان مستعملة بسعر 18,000 ريال. ثم بدأت في تجهيزها لتكون ملائمة للمشروع. هذه أبرز التجهيزات التي أضفتها:

  1. ثلاجة تبريد كبيرة الحجم تحفظ المنتجات لساعات طويلة.
  2. تصميم خارجي بألوان زاهية مع رسومات جاذبة للأطفال.
  3. نظام صوتي يبث موسيقى الآيسكريم التقليدية.
  4. بطارية إضافية لتشغيل الأجهزة دون استهلاك طاقة السيارة.
  5. رفوف داخلية لترتيب المنتجات وسهولة الوصول إليها.

بلغت تكلفة التجهيزات الإضافية قرابة 9,000 ريال، ليصبح إجمالي الاستثمار المبدئي 27,000 ريال.

استخراج التراخيص

توجهت إلى البلدية في مدينتي، وطلبت إصدار ترخيص لبسطة متنقلة لبيع الآيسكريم. كان المطلوب مني تقديم الأوراق التالية:

  1. صورة من الهوية الوطنية.
  2. شهادة صحية.
  3. صورة للسيارة بعد تجهيزها.
  4. رخصة قيادة سارية.
  5. تعهد بعدم البيع في أماكن محظورة.

استخراج الترخيص استغرق حوالي أسبوعين، ودفعت رسومًا بسيطة لم تتجاوز 1000 ريال.

أول يوم عمل

بدأت أول يوم في عطلة نهاية الأسبوع، واخترت حديقة عامة قريبة من حي عائلي. كنت متحمسًا وقلقًا في الوقت ذاته. مع بداية تشغيل الموسيقى، بدأ الأطفال يلتفون حول السيارة. خلال أول ساعتين، بعت أكثر من 150 قطعة، وحققت أرباحًا فورية.

هذا اليوم كان دفعة قوية لي، وأدركت حينها أن قراري كان في محله.

التحديات التي واجهتني

رغم الحماس والنجاح، واجهتني بعض الصعوبات خلال الأشهر الأولى، من أبرزها:

  1. حرارة الجو التي تؤثر على كفاءة التبريد.
  2. الأعطال المفاجئة في السيارة أو الثلاجة.
  3. تنقل رجال البلدية والتفتيش المستمر.
  4. صعوبة التعامل أحيانًا مع الأطفال.
  5. الحاجة إلى تجديد التراخيص باستمرار.

كنت أحاول دومًا أن أجد حلولًا عملية لهذه التحديات حتى لا تؤثر على سير العمل.

المنتجات التي قدمتها

اعتمدت على التنوع في منتجات الآيسكريم لجذب أكبر عدد من الزبائن. شملت القائمة:

  1. آيسكريم عادي بنكهات متعددة.
  2. آيسكريم مغطى بالشوكولاتة.
  3. مثلجات على شكل شخصيات كرتونية.
  4. عصائر مثلجة للأطفال.
  5. عروض خاصة مثل “اشتر 2 واحصل على 1 مجانًا”.

التنوع في المنتجات كان أحد عوامل نجاح المشروع، لأنه يناسب مختلف الأذواق.

استراتيجية التسويق

لم أكتفِ بالموسيقى لجذب الزبائن، بل استخدمت وسائل ترويجية أخرى، منها:

  1. إنشاء حسابات على إنستغرام وسناب شات لمشاركة الصور والعروض.
  2. طباعة منشورات صغيرة أوزعها على الأحياء المجاورة.
  3. الإعلان عن وجودي في أماكن التجمعات عبر وسائل التواصل.
  4. التعاون مع مدارس لتنظيم زيارات خلال المناسبات.

هذه الاستراتيجيات ساعدتني في بناء قاعدة زبائن ثابتة خلال فترة قصيرة.

الأرباح والتكلفة الشهرية

من خلال عملي المنتظم، وصلت إلى متوسط ربح شهري يتراوح بين 8,000 إلى 12,000 ريال. وكانت المصاريف الشهرية كالتالي:

  1. البنزين: 600 ريال
  2. صيانة دورية: 300 ريال
  3. شراء منتجات: 3,000 ريال
  4. مواد تغليف ونظافة: 200 ريال

صافي الربح كان جيدًا مقارنة برأس المال، والأهم أنه قابل للزيادة في المواسم والأعياد.

ملاحظات مهمة لمن يرغب في بدء المشروع

  1. اختر موقعًا مزدحمًا لكن خالٍ من المنافسة المباشرة.
  2. احرص على النظافة والاهتمام بالشكل الخارجي للسيارة.
  3. كن صبورًا، خاصة في الأيام الضعيفة.
  4. استثمر في بناء علاقات مع الزبائن الصغار وأهاليهم.
  5. راقب أداء المنتجات وحدد أكثرها مبيعًا لتزيد من تركيزك عليها.

هل أنصح بتجربة هذا المشروع؟

  • نعم، بكل تأكيد. مشروع سيارة الآيسكريم أثبت لي أن المشاريع البسيطة يمكن أن تكون ناجحة إذا أُديرت بذكاء. هو مشروع لا يحتاج إلى خبرة كبيرة أو شهادات عليا، بل يحتاج إلى التزام، فهم للسوق، واستعداد للعمل في ظروف متغيرة.
  • لقد بدأت بسيارة واحدة، وأفكر حاليًا في توسيع النشاط إلى سيارة ثانية، وربما أكثر، مع استهداف فعاليات ومناسبات أكبر.

مشروع سيارة الآيسكريم لم يكن مجرد وسيلة لزيادة دخلي، بل كان تجربة تعليمية غنية جعلتني أفهم السوق، وأتعامل مع الزبائن، وأتجاوز التحديات اليومية بإرادة حقيقية. كل خطوة بدأت بها، من شراء السيارة إلى تشغيل أول يوم، كانت درسًا جديدًا ساعدني في بناء مشروع مستدام. أهم ما تعلمته أن المشاريع الناجحة لا تعتمد فقط على رأس المال، بل على الاستمرارية، والمرونة، والقدرة على التطوير مع الوقت.

شاركنا برأيك

اترك تعليقك وسنقرأه بكل سعادة

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *