شهدت السنوات الأخيرة في المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا بما يُعرف بـ التعليم المنزلي أو “دراسة المنازل”، وهو نظام تعليمي بديل يتيح للطلاب الدراسة خارج المدارس التقليدية، غالبًا في بيئة منزلية وتحت إشراف الأهل أو مدرسين خاصين. ويأتي هذا التحول نتيجة رغبة بعض الأسر في تقديم تعليم مرن يتناسب مع احتياجات أبنائهم الفردية، سواء لأسباب صحية، نفسية، اجتماعية أو أكاديمية.
ورغم أن نظام التعليم في المملكة لا يُتيح اعتمادًا مباشرًا للتعليم المنزلي بالشكل المتعارف عليه عالميًا، إلا أن هناك آليات قانونية وتنظيمية تُمكّن الأسرة من توفير هذا النوع من التعليم لأبنائها ضمن أطر معينة. وفي هذا المقال عبر موقع صناع المال، نتعرف على شروط دراسة المنازل في السعودية، والضوابط التي يجب الالتزام بها، والخيارات المتاحة للحصول على الشهادات المعتمدة.
ما المقصود بدراسة المنازل في السعودية؟
“دراسة المنازل” أو التعليم المنزلي هو أسلوب تعليمي يسمح للطالب بتلقي التعليم في بيئة غير صفية، وغالبًا ما تكون في المنزل، ويتم فيه استبدال الحضور اليومي للمدرسة بالتعليم الذاتي أو التعليم عن بُعد، بإشراف مباشر من أولياء الأمور أو مدرسين متخصصين.
ويختلف هذا النظام عن التعليم العام التقليدي في عدة جوانب أبرزها:
- مرونة المناهج وأساليب التدريس.
- عدم الالتزام بجدول دراسي موحد.
- الاعتماد على تقويم ذاتي أو خارجي وفق اختبارات معينة.
هل التعليم المنزلي معترف به رسميًا في السعودية؟
حتى الآن، لا يوجد نظام تعليمي رسمي مستقل في السعودية معتمد بالكامل تحت اسم “التعليم المنزلي”، إلا أن هناك بدائل قانونية معترف بها تتيح للطالب التعلم خارج المدرسة، والحصول على شهادات معتمدة من خلال:
- نظام الانتساب في بعض المراحل التعليمية.
- الالتحاق بمدارس دولية خارج المملكة أو عبر الإنترنت والحصول على شهادة معادلة.
- الاختبارات الخارجية مثل GED أو IGCSE أو SAT التي يمكن أداءها في السعودية ويتم قبولها في الجامعات.
شروط دراسة المنازل في السعودية
لتطبيق التعليم المنزلي بشكل منظم وقانوني في السعودية، يجب توفر عدة شروط ومعايير لضمان تحقيق الفائدة الأكاديمية للطالب، وضمان عدم الإخلال بمنظومة التعليم الوطني.
1- تقديم طلب رسمي في حال الانسحاب من المدرسة
- يجب على ولي الأمر تقديم طلب رسمي للمدرسة في حال قرر سحب ابنه من التعليم النظامي.
- يُطلب توضيح السبب، وتقديم تعهد بتحمل مسؤولية تعليم الطالب.
- في بعض الحالات، تُعتبر هذه الخطوة انسحابًا مؤقتًا، خاصة في مراحل التعليم العام.
2- اختيار جهة تعليمية معتمدة أو مناهج واضحة
- يجب أن يكون لدى الأسرة خطة دراسية منظمة تغطي المواد الأساسية مثل: اللغة العربية، الرياضيات، العلوم، الدراسات الإسلامية.
- يُفضل أن تعتمد الأسرة على مناهج رسمية معتمدة محليًا أو دوليًا لضمان إمكانية معادلة الشهادات لاحقًا.
- بعض الأسر تسجل أبناءها في مدارس عالمية عبر الإنترنت، تتيح الحصول على شهادة رسمية معترف بها.
3- إشراف أكاديمي منتظم من ولي الأمر أو معلم مختص
- يجب أن يتم التعليم بإشراف يومي أو أسبوعي من شخص بالغ مؤهل (أحد الوالدين أو معلم خاص).
- يُشترط تنظيم جدول دراسي منتظم، مع تقييم دوري لمستوى الطالب.
- لا يُسمح بإهمال أو تهميش الجوانب التعليمية بحجة الحرية والمرونة.
4- توفير بيئة تعليمية مناسبة في المنزل
- يجب تخصيص مكان ثابت وهادئ للدراسة داخل المنزل.
- توفير الأدوات التعليمية الأساسية مثل: جهاز كمبيوتر، اتصال إنترنت جيد، أدوات مكتبية.
- دعم الطالب نفسيًا واجتماعيًا ليشعر بجديّة العملية التعليمية.
5- الالتزام بالمتابعة والتقييم
- يُفضل أن تقوم الأسرة بإجراء اختبارات دورية شهرية أو فصلية لتقييم مدى التقدم.
- يمكن تسجيل الطالب في دورات خارجية أو برامج إثرائية للتحقق من مستوى التحصيل.
- في نهاية العام، يُنصح بأداء اختبارات رسمية أو معادلة أكاديمية للشهادة.
6- مراعاة المرحلة العمرية والصف الدراسي
- التعليم المنزلي يناسب غالبًا طلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة، حيث تكون المواد قابلة للتبسيط.
- في المرحلة الثانوية، يُنصح بالالتحاق ببرامج معتمدة دوليًا مثل IGCSE أو الدبلومة الأمريكية.
- بعض الجهات قد تطلب شهادة تثبت مستوى الطالب قبل معادلة أي شهادة مستقبلية.
بدائل رسمية للتعليم المنزلي في السعودية
لمن يرغب بتطبيق الدراسة من المنزل مع الحفاظ على الاعتراف الرسمي، توجد خيارات يمكن اعتمادها:
- نظام الانتساب في بعض المدارس، ويشمل تلقي التعليم عن بُعد مع أداء اختبارات حضورية.
- منصة مدرستي، التي يمكن استخدامها كأداة داعمة للتعليم المنزلي.
- التسجيل في مدارس دولية عن بعد تمنح شهادات معترف بها عالميًا.
- الاختبارات الدولية المعتمدة، مثل: GED، SAT، ACT، وهي مناسبة لمن يخطط للالتحاق بجامعات خارجية أو خاصة داخل السعودية.
هل توجد جهة حكومية تدعم التعليم المنزلي حاليًا؟
رغم عدم وجود تشريع مستقل للتعليم المنزلي حتى الآن، إلا أن وزارة التعليم السعودية:
- بدأت بمراجعة تجارب الدول الأخرى في تنظيم التعليم البديل.
- تُظهر مرونة أكبر في التعامل مع التعليم عن بُعد بعد جائحة كورونا.
- تشجع على التعليم المدمج والاعتماد على التكنولوجيا، وهو ما يدعم فكرة التعليم المنزلي بشكل غير مباشر.
ويُتوقع في المستقبل القريب أن يتم إقرار نظام تعليمي مخصص للتعليم المنزلي، مع معايير واضحة وشهادات معتمدة، أسوةً ببعض الدول مثل الإمارات وأمريكا وكندا.
مزايا وعيوب التعليم المنزلي في السعودية
المزايا:
- مرونة كبيرة في الوقت والمحتوى.
- تعليم مخصص حسب قدرات الطالب.
- تقليل الضغط النفسي والاجتماعي.
- تعزيز المهارات الشخصية والإبداعية.
العيوب:
- الحاجة لجهد والتزام كبير من الأسرة.
- صعوبة في توثيق المستوى الدراسي رسميًا.
- محدودية الاعتراف الأكاديمي داخليًا حتى الآن.
- ضعف التفاعل الاجتماعي مع أقران الطالب.
تُعد دراسة المنازل أو التعليم المنزلي خيارًا مناسبًا للعديد من الأسر في السعودية، خاصة في الحالات التي تتطلب خصوصية في التعليم أو دعمًا فرديًا مكثفًا. ورغم عدم توفر إطار رسمي واضح لهذا النظام حتى الآن، إلا أن الأسر التي ترغب في تطبيقه يمكنها الاعتماد على أنظمة الانتساب، التعليم الأونلاين، والاختبارات الدولية كبدائل قانونية.
لكن لتحقيق نجاح فعلي، يجب الالتزام بـ شروط دراسة المنازل في السعودية، من حيث التخطيط الأكاديمي، التنظيم المنزلي، والمتابعة الدورية. ومع ازدياد الوعي المجتمعي والتطور التقني، فإن مستقبل التعليم المنزلي في المملكة يبدو واعدًا، خاصة إذا تم تنظيمه رسميًا في إطار تعليمي مرن وشامل.