حل مشكلة التضخم الاقتصادي

حل مشكلة التضخم الاقتصادي يحتاج إلى استراتيجيات خاصة تتواكب مع طبيعة الأحوال المحيطة التي تمر بها الدولة، وفي الوقت الذي قد واجهت بعض الدول فيه مشكلات عديدة تتعلق بهذا التضخم الاقتصادي العالمي إلا أن اقتصاد الولايات المُتحدة ارتقى ليتربع على عرش العالم، ما يعني أن أثر التضخم مُتفاوت، واسترسالًا لذلك سنعرض عبر موقع صناع المال مجموعة من السبل التي عرضت من قبل محللي وخُبراء الاقتصاد لكبح جماح هذا التضخم.
حل مشكلة التضخم الاقتصادي
تختلف الآراء حول أفضل طريقة للحد من التضخم، ولكن مُنذ فجر التاريخ كان الحل التقليدي هو أن يقوم البنك المركزي بمهمته الأساسية واستخدام الوسائل المتاحة له، والحديث هُنا عن رفع أسعار الفائدة في سبيل الحد من انخفاض قيمة الأموال وقيم الأصول، ولكن معدل التضخم والنطاق الأوسع للتضخم يؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد تقريبًا، وليس فقط القطاعات النقدية والمالية.
على إثر ذلك أعدت “صحيفة واشنطن بوست” تقريرًا مطولًا الأسبوع الماضي، يتضمن آراء 12 اقتصاديًا بارزًا من وجهات نظر سياسية وأيديولوجية مختلفة حول ما يعتقد كل منهم الحل الأمثل الذي عليه القيام به في حالة مُعاناة الاقتصاد من تضخم مرتفع، والقرار الذي سيعمل كُل منهم على القيام به إذا كان مسؤولاً عن السياسة الأمريكية في البيت الأبيض.
أجمع هؤلاء الخُبراء على إلقاء اللوم على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحجة أنها مسؤولة عن ارتفاع الأسعار والارتفاع الهائل في الأسعار بسبب الطلب الاقتصادي القوي وارتفاع معدلات التضخم، ويعتقد بعض الناس أن مخاطر التضخم المرتفع مبالغ فيها وليست كارثية كما يعتقد البعض أو كما يتم تصديرها للمواطنين من قبل الإعلام الذي يُعد لسان حال الحُكومة.
من أبرز الآراء التي تم طرحها حول فكرة العمل على حل مُشكلة التضخم الاقتصادي في الولايات المُتحدة الأمريكية على وجه الخصوص وقف الحرب التجارية مع الصين والشركاء التجاريين الآخرين للولايات المتحدة، وهو الرأي الذي قد لاقى إجماعًا عامًا، أما الرأي الآخر يرى أن الحل يكمن في اللجوء لمجموعة من القوانين الخاصة بمكافحة قضية الاحتكار التي أصبحت كالطوق حول أعناق الكثير من الدول الذي يهدد حياتهم.
من المُفترض أن يتم ذلك من خلال تفكيك الشركات الكبرى وزيادة المنافسة في الاقتصاد، ومن بين هذه الاقتراحات أيضًا زيادة الإنتاج الصناعي الأولى بأمريكا، وقد تم على إثر ذلك تقديم عدد من المُقترحات في سبيل تعزيز الإنتاج بالشكل الصناعي، ومن أبرزها:
1- العمل على زيادة الإنتاج
توجه البروفيسور روبرت هوكيت في كتابته عن اقتصاد الدول عن الحالة التي كان عليها العالم، موضحًا كيف ستكون أزمة كورونا منذ بدايتها سبب في زيادة ضغوط التضخم عبر التحديات الخاصة بالعرض والطلب داخل الدول، وذلك من خلال تناول مسألة ضخ السيولة الخاصة بالاقتصاد لسد حاجات الناس خلال تلك الفترة، بالإضافة على المساعدات النقدية المباشرة للأمريكيين، ناهيك عن زيادة الطلب دون وجود زيادة مقابلة له في العرض.
حيث إنه ضرب مثالًا واضحًا على هذه القضية بمقارنة الإنتاج الأمريكي للسلع التي ارتفع الطلب فيها في غُضون فترة الجائحة، والحديث هُنا شمل سلع مُعينة كالسيارات الكهربائية وألواح توليد الطاقة المتجددة ” الطاقة الشمسية”.
كما قد لخص هوكيت حديثه في كون أمريكا تمتلك العديد من الموارد والأدوات التي كانت بالفعل متوفرة منذ أربعينات القرن الماضي، ولكن إن كان هناك بالفعل إدارة سياسية تسير على طريقة ممنهجة لتمكنت أمريكا من الإنتاج من جديد.
ما يعني أن اللوم الأبرز وقع على الآليات التي يُطبقها البيت الأبيض كما هو الحال مع الآراء الأُخرى للخُبراء، وقد أردف قائلًا كون العمل على استعمال هذه الآلية كان ليُحول ما عانت منه الولايات في الآونة الأخيرة على مدار العقود الأربعة الماضية إلى نمو وارتقاء.
اقرأ أيضًا: أنواع التضخم الاقتصادي
2- اتخاذ قرار وقف الإنفاق
أشار برايان ريدل أن الانطلاقات الصاروخية التي حدثت في الأسعار وارتفاع معدلات التضخم تعتبر من التوقعات الحتمية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) والذي انتقل فيه المعدلات من 1.8 % بعام 2021 إلى 7% من حزم التحفيز الاقتصادي لإدارة جو بايدن.
كما أنه يرى أن تريليونات الدولارات التي أصبحت موجودة من قبل الإنفاق الحكومي لم يكن الغرض منها في الأساس مواجهة الجائحة نفسها، لذا رأى ريدل أن زيادة الإنفاق الحكومي التي تمثلت في التوزيعات النقدية هي أولى الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم.
على الرغم من كثرة المؤشرات السلبية والتحذيرات إلا أن البيت الأبيض وفقًا لبرايان لم يلتفت لذلك على الرغم من أنها توالت قبل حُدوث هذه الجائحة وما ترتب عليها، بل إنه واصل الإنفاق اعتقادًا منه بأن ذلك سيُساهم في كبح جماح التضخم.
3- السيطرة على الوباء
من وجهة نظر مديرة أبحاث الاقتصاد الكلي كلوديا سام يسير الاقتصاد الآن في طريقه الصحيح نحو التقدم، ومؤشراته التي عليها الآن جيدة مُقارنةً بما كان عليها، مؤيدة لدور الاحتياطي الفيدرالي الذي يقوم بدوره على أكمل وجه، ولكنها ألقت اللوم كله على البيت الأبيض الذي فشل في الإمساك بزمام الأمور أثناء فترة الجائحة.
كما أنها فصلت بين تأثير الزيادة في أعداد الإصابات التي شهدها العالم من ضحايا مرض كورونا، وتلك السياسات المتخبطة في مواجهة آثار أزمة كورونا على الاقتصاد.
وتناشد الحكومة والبرلمان وكافة السلطات المحلية بالولايات المتحدة بضرورة تنفيذ سياسة موحدة حتى يمكن من خلالها السيطرة على الوباء وحصره وبالتالي الحد من المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد.
اقرأ أيضًا: ما هو الكساد الاقتصادي
4- وقف الحرب التجارية
ركز المحلل السياسي مايكل سترين ومدير دراسات السياسات الاقتصادية في حديثٍ مُطول له على الاحتياطي الفيدرالي والسياسات التجارية للبيت الأبيض، ويرى من وجهة نظره أن الاحتياطي يواكب المستويات المرتفعة في التضخم الاقتصادي، ويطالب بتعيينات إدارة بايدن الجديدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
كما أنه يرى أن الدور الأساسي لوقف هذا التضخم بتركز على أن يكون هدف الاحتياطي هو وقف التضخم وليس دعم السوق، وعلى جانب آخر يطالب البيت الأبيض بالتوقف عن فرض الرسوم على الواردات كما هو الحال بالنسبة لما حدث لكندا، وأيضًا بالتراجع عن تصعيد الحرب التجارية مع الصين.
5- تحسين سلاسل التوريد
من ضمن الطرق التي تم ذكرها لحل مشكلة التضخم الاقتصادي ما اقترحه مات دارلنغ، وهو أن تنتهز أمريكا فرصة الارتفاع في معدلات التضخم لصالحها بجانب التأثيرات الأخرى للعمل على تحسين سلاسل التوريد الخاصة بها، وبالتالي تستطيع أن تلبي أي زيادة في الطلب يمكن أن تتعرض لها.
كما أن الأسعار ليست مرتفعة بشكل كبير نتيجة حدوث اختناق في سلاسل التوريد وأيضًا يرجع السبب إلى أن أمريكا تستورد بزيادة وصلت إلى 20% من القيمة السابقة مُقارنةً بما كانت تستورده قبل فترة الجائحة.
اقرأ أيضًا: الأزمة الاقتصادية العالمية أسبابها وحلولها
مفهوم التضخم الاقتصادي
يعرف التضخم الاقتصادي بأنه المقياس الذي يمكن من خلاله معرفة معدل ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات بالدولة الواحدة، ومقارنته بالدول المحيطة، وهو ما يكون له تأثير سلبي في بعض الأحيان على المجتمع ككل، ويمكن أن يحدث هذا التضخم لأي نوع من السلع أو المنتجات أو الخدمات، بالإضافة إلى النفقات.
حلول فعّالة لمعالجة مشكلة التضخم الاقتصادي
1. السياسة النقدية (Monetary Policy)
تُعد السياسة النقدية من أهم الأدوات التي تستخدمها البنوك المركزية للسيطرة على التضخم. تشمل السياسات النقدية ما يلي:
- رفع أسعار الفائدة: يؤدي ذلك إلى تقليل الإقراض والإنفاق الاستهلاكي، مما يساهم في تخفيف الضغط على الأسعار.
- تقليل المعروض النقدي: من خلال بيع السندات الحكومية لامتصاص السيولة الزائدة في السوق.
- تحكم في عمليات الائتمان: عن طريق فرض قيود على الإقراض وتقليل تسهيلات التمويل.
تساعد هذه السياسات على تقليل حجم الطلب الكلي في الاقتصاد، مما يساهم في استقرار الأسعار.
2. السياسة المالية (Fiscal Policy)
تتضمن السياسة المالية الإجراءات الحكومية المتعلقة بالضرائب والإنفاق العام، ويمكن استخدامها للحد من التضخم من خلال:
- تقليل الإنفاق الحكومي: للحد من الطلب الكلي وتقليل الضغط على الأسعار.
- زيادة الضرائب: لتقليل الإنفاق الاستهلاكي وتوجيه الفائض نحو الاستثمار.
- ترشيد الدعم الحكومي: خاصة على السلع التي تؤدي زيادتها إلى ارتفاع الأسعار.
تساهم هذه السياسات في تخفيف الإنفاق الزائد وضبط الطلب في السوق.
3. تحسين الإنتاجية وزيادة العرض
يمكن أن يساعد زيادة الإنتاج وتوسيع القدرات الإنتاجية على تلبية الطلب المتزايد وتقليل التضخم، من خلال:
- دعم القطاع الصناعي والزراعي: لتوفير السلع محليًا وتقليل الاعتماد على الواردات.
- تحفيز الاستثمار في البنية التحتية: مما يساعد في تقليل تكاليف النقل والإنتاج.
- تبني التكنولوجيا الحديثة: لزيادة الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف.
يؤدي زيادة العرض في السوق إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب، مما يساعد على استقرار الأسعار.
4. السيطرة على الأجور والأسعار
تُعتبر السيطرة على الأجور والأسعار أداة فعّالة في الحد من التضخم، من خلال:
- وضع سقف للأسعار: للسلع الأساسية لضمان عدم استغلال الظروف الاقتصادية لرفع الأسعار.
- تجميد الأجور مؤقتًا: لتجنب الدائرة المفرغة بين زيادة الأجور وارتفاع الأسعار.
- مراقبة الأسواق: لمنع الممارسات الاحتكارية والتلاعب بالأسعار.
يمكن للحكومات استخدام التشريعات والمراقبة لضبط الأسعار وحماية المستهلكين من الزيادات المفرطة.
5. تعزيز الاستقرار النقدي وسعر الصرف
يمكن أن يؤدي استقرار سعر الصرف إلى الحد من التضخم المستورد، من خلال:
- تدعيم الاحتياطيات النقدية الأجنبية: لتجنب التقلبات الحادة في سعر العملة.
- إدارة سوق العملات الأجنبية: عبر تدخل البنك المركزي للحفاظ على استقرار العملة.
- تقليل الواردات غير الضرورية: لدعم الميزان التجاري وتعزيز قيمة العملة المحلية.
يُسهم استقرار العملة في الحفاظ على أسعار السلع المستوردة وعدم انتقال التضخم من الخارج إلى الداخل.
6. تعزيز التوعية المالية والادخار
يمكن أن تساعد التوعية المالية للأفراد والشركات في الحد من التضخم، من خلال:
- تشجيع الادخار بدلاً من الإنفاق الاستهلاكي المفرط.
- توعية المستهلكين بكيفية إدارة ميزانياتهم الشخصية في أوقات التضخم.
- تحفيز الاستثمار في الأصول الثابتة: مثل العقارات والذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة.
يمكن أن يساهم تغيير السلوك الاستهلاكي في تخفيف الضغط على الأسعار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
نصائح للأفراد للتعامل مع التضخم الاقتصادي
- تنويع مصادر الدخل: لتجنب التأثر الكبير بارتفاع الأسعار.
- الاستثمار في الأصول الآمنة: التي تحافظ على القيمة مثل الذهب والعقارات.
- تخفيض النفقات غير الضرورية: والتركيز على الأولويات الأساسية.
- الشراء بالجملة: للسلع التي يُتوقع زيادة أسعارها مستقبلًا.
- البحث عن العروض والخصومات: لتقليل تأثير ارتفاع الأسعار على ميزانية الأسرة.
حل مشكلة التضخم الاقتصادي تحتاج على تحليل تلك الأسباب التي أدت إلى زيادة الطلب على منتج أو سلعة معينة، وبالتالي فهي مشكلة تحتاج إلى تحليل من قبل السياسيين بالرجوع إلى الوراء في العقود الماضية للدولة الواحدة.