في بداية عام 2024، كنت مثل كثير من الشباب الطامحين لتحقيق دخل إضافي دون أن أضطر إلى الالتزام بوظيفة ثانية أو مشروع كبير. كنت أتابع كثيرًا من القصص الملهمة على منصة صناع المال، وشدني بشكل خاص موضوع الاستثمار في سوق الأسهم. كانت لدي رغبة قوية في تجربة الأمر، لكن رأس المال المتوفر لدي كان متواضعًا: فقط 1000 ريال سعودي.
قررت أن أخوض هذه التجربة وأن أتعلم من خلالها، حتى لو كانت البداية بسيطة. في هذا المقال عبر صناع المال أشارككم تفاصيل رحلتي في عالم الأسهم بدءًا من أول صفقة، وحتى إدراكي لأهم الدروس المالية التي كان لها أثر حقيقي في حياتي.
لماذا قررت دخول السوق بهذا المبلغ؟
لم أكن أمتلك خبرة كبيرة في الاستثمار، وكنت أعلم أن البدء بمبلغ صغير سيقلل من مخاطر الخسارة ويمنحني فرصة للتعلم دون ضغط نفسي كبير. ألف ريال كانت مبلغًا معقولًا بالنسبة لي لأبدأ وأتعلم، وكنت مستعدًا لخسارته بالكامل إن اضطررت.
خطواتي الأولى في السوق
قبل أن أضع المبلغ في أي سهم، قرأت كثيرًا عن طريقة فتح المحفظة الاستثمارية لدى شركة وساطة مرخصة، وقمت بالتالي:
- اخترت وسيطًا مرخصًا من هيئة السوق المالية السعودية.
- أنشأت محفظة استثمارية إلكترونيًا دون الحاجة للذهاب إلى الفرع.
- أودعت 1000 ريال عبر التحويل البنكي.
- قررت ألا أبدأ في المضاربة السريعة، بل أن أختار سهمًا واحدًا من الأسهم ذات الأداء المستقر نسبيًا.
أول سهم اشتريته
بعد البحث والمقارنة، اخترت سهمًا في قطاع الاتصالات لأنه يتمتع بتوزيعات أرباح منتظمة وأداء مستقر. اشتريت السهم بسعر 38.50 ريال، واستطعت شراء 25 سهمًا تقريبًا بعد احتساب العمولة.
كيف تحرك السهم؟
خلال الأسابيع الثلاثة الأولى، لاحظت أن السهم يتحرك بين 37.80 ريال و39.20 ريال. لم تكن هناك أرباح سريعة كما كنت أتخيل، لكن السهم أظهر استقرارًا طمأنني. وبعد حوالي شهرين، ارتفع السهم تدريجيًا حتى بلغ 41.00 ريال.
- قمت ببيع السهم بسعر 41.00 ريال.
- ربحي الصافي بعد خصم العمولة كان تقريبًا 62.50 ريال.
- أي أنني حققت نسبة ربح تقدر بـ 6.25% خلال شهرين.
ماذا تعلمت من التجربة؟
كانت الأرباح بسيطة لكنها مثيرة، والأهم من ذلك كانت الدروس التي خرجت بها، ومنها:
- التسرع عدو المستثمر
في البداية كنت أفتح التطبيق عشرات المرات يوميًا. تعلمت أن المراقبة الزائدة تسبب توترًا وقد تؤدي إلى قرارات خاطئة. - السوق لا يعطي دائمًا
هناك أيام تربح فيها وأيام أخرى تشعر أن السعر ينهار. الهدوء مهم جدًا خاصة عند التذبذب. - المعرفة تسبق المغامرة
القراءة عن الشركة، ومتابعة الأخبار المالية، وتحليل القطاع، كلها أمور ساعدتني في اتخاذ قرار مدروس. - رأس المال الصغير يعلمك الانضباط
عندما تكون محفظتك صغيرة، فإنك تديرها بحذر، وتبدأ في تقييم كل ريال تضعه. - التنوع لاحقًا، لا الآن
قررت ألا أشتري عدة أسهم في البداية، حتى لا أشتت ذهني وجهدي في المتابعة. سهم واحد أفضل للمبتدئ.
هل أنصح بالدخول بمبلغ صغير؟
بكل تأكيد، نعم. الدخول بمبلغ صغير مثل 1000 ريال:
- يساعدك على فهم السوق دون مخاطرة عالية.
- يعلمك أهمية الانضباط والاستراتيجية.
- يجعلك تتعلم من تجاربك دون أن تتكبد خسائر مؤلمة.
- يشجعك على تطوير مهاراتك في التحليل واتخاذ القرار.
هل يمكن أن تحقق أرباحًا حقيقية بهذا المبلغ؟
نعم، ولكن ليس كما يصور البعض أن الأرباح ستكون سريعة أو ضخمة. إليك سيناريوهات محتملة:
- في حالة الربح بنسبة 10% شهريًا (وهي نسبة ممتازة) فإن ربحك سيكون 100 ريال شهريًا.
- في حالة الخسارة بنسبة 5% فإنك ستخسر 50 ريال فقط، وهي خسارة تعليمية يمكن تحملها.
- إذا قمت بتكرار التجربة شهريًا وتوسيع المحفظة تدريجيًا، فقد تتحول 1000 ريال إلى 5000 ريال خلال سنة أو سنتين بشرط الانضباط.
لم تكن تجربتي في سوق الأسهم بألف ريال تجربة خرافية أو مليئة بالأرباح الضخمة، لكنها كانت حقيقية ومفيدة. تعلمت منها كيف أفكر كمستثمر، كيف أتخذ القرار بناءً على بيانات، وكيف أضبط مشاعري أمام التذبذب اليومي للسوق. كانت أول خطوة على طريق طويل، لكنها زرعت في داخلي الشغف المالي والرغبة في الاستمرار.
إذا كنت تفكر في دخول سوق الأسهم، فأنصحك بالبدء بمبلغ صغير، واعتبره “دورة تعليمية واقعية” بدلًا من استثمار بحث عن الثراء السريع. ومع الوقت، ستكتشف أن السوق لا يكافئ من يبحث عن الربح السريع، بل من يستثمر في نفسه أولًا.